بقلم/باسيديا درامي
الانتهازية سمة بارزة يتسم بها سياسيو غامبيا منذ الأزل، إلا من رحم ربك، حيث إن جُلهم إنما يدخلون دهاليز السياسة لتحقيق مصالح ذاتية- لا على أساس مرجعية أيديولوجية محددة أو مبادئ سياسية معينة يدافعون عنها، ولذا تجدهم يقفزون من حزب إلى آخر وفق ما تقتضيه مصالحهم الشخصية الضيقة. وغالباً ما يبررون تقلباتهم وقوقعنهم السياسية هذه بالقول إنه لا يوجد في السياسة أصدقاء دائمون أو أعداء دائمون، ومن ثم فإن الغاية تبرر الوسيلة.
لعل حزب "دوي" يتميز عن غيره من الأحزاب السياسية في غامبيا بالمبدئية والتشبث بمواقفه الراسخة مهما كانت التحديات والظروف. كلنا نذكر كيف حاول الرئيس السابق يحيى جامي استمالة خليفة صلا وسيديا جاتا بعد الانقلاب العسكري عام ١٩٩٤ بعرض مناصب وزارية عليهما لكنهما رفضا كل الإغراءات متمسكين بمبادئهما السياسية رغم التكلفة الباهظة التي دفعها الحزب جراء ذلك. وعندما تولى الرئيس آدم بارو مقاليد السلطة استمات في استمالتهما لكنهما فضلا خدمة البلاد من خلال البرلمان لا من خلال السلطة التنفيذية، بالرغم من أن حزب "دوي" كان جزءاً أصيلاً في التحالف الذي أدى إلى هزيمة جامي في الانتخابات عام 2016.
إن انشقاق مؤدو سابالي عن حزبه الذي تولى فيه منصب مدير الحملة الدعائية يشكل ضربة قاضية للحزب الديمقراطي المتحد الذي يُقال إن بوادر الانقسام بدأت تظهر في صفوفه نتيجة احتمال ترشح دابو في الانتخابات الرئاسية المقبلة عام ٢٠٢٦. كل الإشارات تدل على أن زعيم الحزب حسينو دابو يطمح في المنافسة في الانتخابات المقبلة رغم تحفظ بعض أعضاء الحزب على هذه الخطة، والذين يرون بأن عليه اختيار خليفة شاب له لتعظيم حظوظ الحزب في الانتخابات بالنظر إلى تقدم سنه وخسائره المتكررة. ومن ثم يتعين على الحزب ترتيب أوراقه السياسية لاسيما في ظل شائعات بأن عمدة بانجول روهي مآلك لو قد تكون هي الأخرى في طريقها إلى الانضمام إلى حزب الشعب الوطني الحاكم وأن عمدة بلدية كانفنغ أحمد بنسودة يفكر في إنشاء حزب خاص به إذا رفض الحزب الديمقراطي دعم ترشيحه للرئاسة في الانتخابات الرئاسية القادمة.
في الوقت ذاته، من المرجح أن يفقد سابالي مصداقيته السياسية نظراً لانتقاداته اللاذعة ومواقفه المناهضة لسياسات حكومة بارو، لأن الناس سوف يتساءلون عما تغير في سياسات الحزب الحاكم ما يضطره إلى الانشقاق عن حزبه. وسوف يشمت أعضاء الحزب الذين تحفظوا عليه عندما احتضنه الحزب بسبب ماضيه السياسي.
والجدير بالذكر أن صمت سابالي في الآونة الأخيرة أثار التكهنات بأن بارو نجح في إسكاته، لكنه رد بالقول إنه لم يعد لديه ما يقوله لأن الأيام أثبتت صدق تنبؤاته. وبالرغم من أن سابالي لم يذكر دواعي استقالته إلا أن الأظهر هو أنه قد تواصل إلى اتفاق معين مع الحزب الحاكم بشأن الحظر المفروض عليه لتولي مناصب عمومية في الدولة مما يسمح له بالعودة إلى الحكومة.
إن انشقاق سابالي عن الحزب الديمقراطي المتحد يؤكد من جديد النظرية السائدة في المجتمع الغامبي بأن السياسة كلمة مرادفة للكذب والاحتيال والانتهازية!
- Log in to post comments