Tuesday, November 19, 2024

عندما يكون الرئيس تحت تأثير السلطة وداء العظمة...

الأحد, يوليو 28, 2024
محلية ، مقال الرأي

بقلم/ باسيديا درامي

مثل العديد من بني جلدتي، انتابني شعور بالصدمة العميقة والذهول الشديد إزاء التصريحات التحريضية وغير المبررة والمثيرة للانقسام التي أدلى بها الرئيس آداما بارو ضد زعيم حزب الديمقراطي المتحد المعارض، المحامي حسينو دابو، خلال خطاب جماهيري بمناسبة افتتاح المكتب السياسي لحزب الشعب الوطني الذي يتزعمه في بريكاما. في هذه الكلمة، تعهد الرئيس بارو بأنه لن يتنحى عن منصبه كرئيس حتى وفاة دابو، وحضور جنازته بعد التأكد من وفاته. وقد قوبل هذا التصريح بإدانة واسعة النطاق عبر مختلف أطياف المجتمع وشرائحه، حيث حث الكثيرون الرئيس على التراجع عن تعليقاته والاعتذار علناً للسيد دابو.

إن التصريحات غير المبررة التي أدلى بها رئيس الدولة غير مقبولة وتهدد الوحدة الوطنية والتماسك الاجتماعي، وتقوض مبادرة الرئيس للحوار الوطني، التي أطلقها في فبراير المنصرم بدعوة زعماء الأحزاب السياسية. بيد أن دابو لم يحضر الاجتماع حيث ألقى بظلال من الشك على النوايا الحقيقية للرئيس، والهجوم الذي شنه الرئيس عليه في هذا الحدث إنما يبرئ ساحة دابو ويصدق تنبؤاته.

إن التغيير الجذري في نبرة الرئيس وخطاباته في الآونة الأخيرة تثير القلق في بلد منقسم على نفسه لاسيما من الناحية السياسية. إن الخطاب الانقسامي الذي يتبناه الرئيس بارو في التجمعات السياسية يقوض الجهود الحقيقية لتعزيز الوحدة الوطنية واحترام المنافسين السياسيين. ونتساءل لماذا تغير الرئيس؟ أتذكر مقابلة صحفية ذكر فيها الرئيس أنه كان يشعر بالخجل ويتجنب التواصل البصري خلال أول تجمع له كمرشح رئاسي عام 2016. يشير هذا التحول الدراماتيكي في خطاباته وتصرفاته إلى أن الرئيس بات تحت تأثير السلطة، وهو أمر مقلق لبلدنا الذي عانى الأمرين إبان حكم جامي، فقد تفاخر بارو ذات مرة بأنه إذا كان يحيى جامي سيطر على الجيش والشرطة، فإنه (بارو) لديه قوات الإيكوميغ إلى جانب القوات الأمنية المحلية.

 

لقد اضطلع المحامي دابو بدور بارز في إحداث التغيير في غامبيا من خلال وضع حد للحكم الاستبدادي الذي جثم على صدر الأمة الغامبية لعقدين من الزمان. كان من بين القلائل الذين صمدوا ووقفوا ضد دكتاتورية الرئيس السابق جامي، وتحملوا كافة المشقات نتيجة لذلك. في عام 2016، حُكم على دابو بالسجن، فقبع في غياهب السجن حتى خسر جامي الانتخابات. ومهما اختلفنا مع دابو فإنه لا يمكن أن ننكر بأنه رجل دولة مناضل، خاصة بالنظر إلى أن الرئيس بارو وصل إلى السلطة من خلال حزب دابو قبل أن يحدث خلاف بينهما مما دفع بار إلى تشكيل حزب خاص به.

إن سلوك بارو مخيب للآمال، فعلى الرغم من الأخطاء والجرائم العديدة التي ارتكبها جامي، فإنه لم يُسمع أو يُنقل عنه بأنه قد تمنى الموت علناً لخصومه السياسيين. ينبغي أن يُنصح الرئيس بارو باستخدام منصته لتعزيز السلام والوحدة الوطنية بدلاً من الإدلاء بتصريحات مثيرة للانقسام من شأنها أن تؤدي إلى خلق البلبلة والاضطرابات في البلاد.  كما يتعين عليه أن يعالج القضايا التي تؤثر على حياة وسبل عيش الناس بدلاً من شن هجمات سياسية شخصية ضد خصومه، ويجب تذكير الرئيس بأن السلطة عابرة لأنه سيترك منصبه ذات يوم. لقد تعهد جامي بالحكم لمدة مليار عام فقط لينتهي به المطاف في المنفى.

تنويه: *مقالاتي تعبر عن آرائي ولا تعكس موقف مؤسسة أخبار غامبيا بالعربية*