بقلم: علي مانجا
لا شك ان سلسلة الانقلابات العسكرية التي شهدتها منطقة غرب أفريقيا في الآونة الاخيرة، والتيكانت آخرها الاطاحة بحكومة محمد بازوم في النيجر، لا شك انها شكلت مفاجأة كبيرة وخيبةآمال لمناصري الديمقراطية ، حيث ان هذه التطورات في منطقة تحدت سقف التوقعات من حيثانتشار وتعزيز الحكم الديمقراطي والقضاء على الديكاتوريات التي تقلصت اعدادها في المنطقةمع هزيمة الرئيس الغامبي السابق يحيي جانمي في الانتخابات الرئاسية في 2016.
الا ان الانقلاب الاخير في النيجر لم يؤكد فقط تدرج تذويب شرعية الرؤساء المنتخبة امامالشعوب، بل ان ردود الافعال الدولية والإقليمية التي تلت هذا الانقلاب، والتي تجسدت في استقراررؤساء دول الايكواس على الخيار العسكري في حال استمرار العسكريين في موقفهم ان هذاالخيار يضع منطقة غرب أفريقيا برمتها في موقف حرج، الامر الذي يؤذن بسيناريوهات غيرمحدد المعالم.
التطورات الأخيرة تفرض مواقف متناقضة وتحمل جميعها عواقب وخيمة للمنطقة. من الناحيةالاولى، تعتزم الايكواس االلجوء الى الخيار العسكري في خيار المساعي الدبلوماسية والتي تؤكدالمؤشرات الاولى الى فشلها. ومن الناحية الأخرى ، تساند القادة العسكريين في كل من ماليوبوركينا فاسو وغينيا موقف العسكريين في النيجر، الامر الذي يؤكد حتمية التصادم المحتوم بينالغرب وروسيا في غرب أفريقيا، مما يؤهل القول بان منطقة غرب أفريقيا في مفترق طرق.
إذا نجحت روسيا والمجالس العسكرية في مالي وغينيا وبوركينا فاسو في تنصيب الحكومةالعسكرية في النيجر ، فان ذلك سيشكل دافعا معنويا قويا لانقلابات لاحقة في العديد من دولغرب إفريقيا. وبالتالي لن يوجد رئيس منتخب ديمقراطيا في مأمن من الانقلابات.
واذا، استطاعت نيجيريا وحلفاء فرنسا والغرب في المنطقة على حشد القوات لشن حملة عسكريةضد المجلس العسكري في النيجر ، فإن العواقب ستكون غير متخيلة، وخاصة إذا التزمت المجالسالعسكرية المدعومة من روسيا في مالي وبوركينا فاسو وغينيا بخطتهم للدفاع عن النيجر. ففيهذه الحالة ، ستنزلق المنطقة إلى حرب شاملة وستكون نيجيريا الضحية الأولى بين الجميع. فبالنظر إلى التقارب الجغرافي بين النيجر ونيجيريا ستضرر نيجيريا اقتصاديا وامنيا، بتدفقالآلاف من اللاجئين من النيجر ، ونظراً لهشاشة الوضع الأمني في شمال نيجيريا، فإن الإرهابيينوالمجموعات الأخرى سيعودون للظهور لاستغلال الوضع لصالحهم، مما قد يؤدي إلى تشتتتركيز حكومة نيجيريا في الحرب في النيجر .
وبالمثل ، ان شن الحرب على النيجر سوف يخلق بيئة مواتية للجماعات والمليشيات المسلحة التيقادت الحرب في ليبيا لصالح القذافي موطئ قدم قوي في الحرب في النيجر نظرا إلى القربالجغرافي وبالنظر ان معظم الذين حاربوا في صف القذافي في ليببا تم حشدهم من النيجر قديساهم في تسهيل حشدهم من الاستفادة من زعزعة الاستقرار في النيجر . علاوة على ذلك ، يمكنأن تشهد كل من بوركينا فاسو ومالي عودة ظهور المتطرفين الذين لا يزالون يهددون استقرارالبلدين. أخيرًا ، فالنيجر ، باعتبارها أفقر دولة في إفريقيا ، ستنهار بسهولة وستكون ساحة معركةللعديد من الجماعات المسلحة واللاعبين الدوليين الذين يطعمون إلى مواردها الطبيعية .
وفي ظل هذه السيناريوهات المحتملة ، على الإيكواس الاستناد على مبادئ البراغماتية، حيثيجب على قيادة المنظمة قياس تكلفة الحرب ضد مكاسبها ، والبت في الأسئلة المتعلقة بتكلفةمساعي تثبيت محمد بازوم في الحكم من حيث التضحية بأرواح المئات من الأبرياء، وتعقيدالوضع الامني والاقتصادي للمنطقة.
اضافة الى ذلك ، ينبغي للكتلة الإقليمية أن تدرس بشكل جيد الدعم الشعبي الذي تكتسبهالمجالس العسكرية بين الشعوب بدلاً من شن حربا قد لا تؤدي الا الى تفاقم الوضع الامنيوالاقتصادي في المنطقة .
ان تمديد الفترات الرئاسية ليس هو المسؤول الوحيد عن موجة الانقلابات التي تشهدها المنطقة،لكن تآكل شرعية الرؤساء المنتخبين في المنطقة وما يصاحبها من الميل للانقلاب تقف وراءها استمرار فشل القادة في حماية أمن الشعوب واستقرار البلاد ،، وفشلها أيضا في ضمان رفاهيةالشعب في الوقت الذي تقوم فيه عناصر الحكومات ( الرؤساء والوزراء) بإثراء أنفسهم علىحساب الشعب ، بينما يعملون في نفس الوقت كدمى للمستعمرات السابقة.
وحتى تنظر الإيكوس إلى الديمقراطية على أنها وسيلة لتأمين مجتمع عادل ومزدهر حيث تضمنللشعوب الحياة الكريمة ، وليس كغاية ، من حيث الحفاظ على انتخاب القادة عن طريق صناديقالاقتراع ، وحتى تدرك قادة الايكواس هذا الفرق ،فان المنطقة ستبقي غير مستقرة بسببالانقلابات والمظاهرات ذات الصبغة الثورية .
- Log in to post comments