بقلم الدكتور/ الحاج مانتا درامي
استقطبت الأزمة في النيجر اهتمام وسائل الإعلام الإقليمية والدولية بسبب أهميتها الجيوسياسية والجيوستراتيجية، حيث يُنظر إليها على أنها في طليعة أي جهد فعلي ناجح لمكافحة الإرهاب في منطقة الساحل وخاصة مالي وبوركينا فاسو.
وتجدر الإشارة إلى أن الحرب في ليبيا منذ الإطاحة بالعقيد القذافي شكلت تحديا أمنيا كبيرا في شمال القارة ومنطقة الساحل، إثر تصاعد الضغوط على الإرهابيين والعصابات الإجرامية في ليبيا مما دفعهم إلى النزوح إلى منطقة الساحل.
يُعتقد على نطاق واسع أن الأزمة في النيجر يمكن حلها دبلوماسياً دون الحاجة إلى اللجوء إلى التدخل العسكري، لأن هذا الخيار، وفقًا للعديد من المراقبين والمعلقين، قد يؤدي إلى تفاقم الوضع المتأزم وسيمتد الصراع إلى أجزاء أخرى من المنطقة. لا ينبغي خوض حروب غير ضرورية في إفريقيا، لأن القارة بحاجة إلى التنمية الاقتصادية والاجتماعية، بالإضافة إلى الاستقرار السياسي. وليس من المستحيل أن يكون هناك حل دبلوماسي، إذا كانت هناك إرادة سياسية وإشراك لاعبين محليين، بصرف النظر عن الديناميات الاجتماعية - الاقتصادية والسياسية والعرقية المحلية. يجب استقاء الدروس من أوكرانيا حيث كان يُعتقد أن العملية الخاصة كما تسميها روسيا ستنتهي في غضون أيام ولكننا الآن في السنة الثانية وليس هناك من منتصر، بينما يستمر ارتكاب الفظائع والجرائم. بعبارة أخرى، يمكن شن الحرب بسهولة ولكن لا يمكن إنهاؤها بسهولة.
ثمة حاجة ماسة لمعالجة العوامل والأسباب الأساسية لهذه الانقلابات العسكرية المفاجئة في غرب إفريقيا، رغم أنها غير قانونية. لا يمكن تصور أن النيجر التي تتمتع باحتياطي كبير من اليورانيوم والمعادن الأخرى لا يمكنها توفير أبسط احتياجات الطاقة ومتطلبات الحياة الأساسية لشعبها، وهذا هو الحال في العديد من البلدان الأفريقية. هناك شعور عميق لدى هذه الشعوب بانتشار الفساد و تفشي الحرمان وعدم المساواة في توزيع السلطة السياسية والموارد الطبيعية. يجب أن تكون السياسة على أساس سيادة المؤسسات والكفاءة، ويجب ألا تستند إلى المحسوبية أو على أساس العرق. هناك حاجة لرعاية ثقافة الإدماج وترسيخ قيمة المواطنة.
إن أي مغامرة عسكرية في النيجر، قد يُنظر إليها على أنها حرب بالوكالة. في الواقع، هناك شعور متزايد بالوحدة الأفريقية ومعاداة الاستعمار حيث بات الأفارقة يطالبون بالاحترام المتبادل والسيادة ليحكموا أنفسهم بأنفسهم دون أي إملاءات أجنبية. والواقع أن التدخل العسكري لن يزيد من تعقيد الحالة الأمنية وتعميقها في النيجر فحسب بل في المنطقة بأسرها.
في الختام، نعتقد أن هناك فرصة حقيقية لحل دبلوماسي سلمي للأزمة في النيجر. ونعتقد أن أي تدخل عسكري سيكون كارثيا وطويل الأمد، وستكون آثاره بعيدة المدى. لم تفت فرصة الحوار بعد؛ ولا تزال هناك فرصة سانحة لإشراك جميع الأطراف. كما سيكون النهج الوقائي ضروريًا للبحث عن حلول دائمة من خلال دراسة الأسباب الجذرية للانقلابات العسكرية التي تجتاح المنطقة.
- Log in to post comments